الاثنين، 21 يناير 2019
التسلسل الأحمدي في إقناع الناس بصدق دعوى الميرزا / هاني طاهر
كتب هاني طاهر
يبدأ الأحمدي بالتحدّث عن الدجال ويأجوج ومأجوج وتفسيرهما عند عامة المسلمين، فينسف التفسير المتداول في ذهن المخاطَب الذي يتشوَّق إثر ذلك إلى معرفة التفسير البديل. وقبل أن يعرف هذا التفسير يسأله الأحمدي عن الحكمة من حياة المسيح في السماء، وعن الحكمة مِن صَلْب شبيهٍ به ما دامت نجاتُه حتمية، فيزداد شوقُ المخاطَب لمعرفة القصة كلها.. فيشرح له الأحمدي هذه التفسيرات بعد أن يرى أنّ مشاعرَ الامتعاض مِن التفسير السابق ومشاعرَ الشَّوْقِ لمعرفة البديل قد سيطرت عليه وأخذت عقلَه كلَّه.
فإذا كان المخاطَب من كارهي بريطانيا، قال له الأحمدي: إن بريطانيا هي الدجال، وهي اليأجوج.. فيمتلئ المخاطَب فرحةً. وإنْ كان من كارهي المسيحيين، قيل له: إن المسيحيين هم الدجال.
وإذا عُرف الدجال، انفتح قلبُ المخاطَب ليعرف من هو المسيح، ففي تلك اللحظة يقول له الأحمدي: إنه صاحب هذه الأفكار كلها، وهو الميرزا. وذلك بعد أن يكون قد سأله عن الجهاد والحرية الدينية والناسخ والمنسوخ، شارحا له شروحا جديدة، مبينا له استحالة أن ينزل المسيح لينسخ الجزية ويخيّر الناس بين الإسلام وبين القتل. وبعد أن يكون قد عرّج إلى الجنّ نافيا التلبّس مفسّرا قصة سليمان وجنّه وعفريته.. فيبدو للمخاطَب أنه يتحدّث إلى علاّمة زمانه. فحين تأتي لحظةُ إخباره أنّ المسيح قد جاء، وأنه هو صاحب هذه التفاسير كلها، وأنّ جماعته تملأ الدنيا، وأنّ عددها 200 مليون، وأنّ الأشرار هم الذين يمنعونها مِن إيصال دعواها.. يرى المخاطَب أنّ واجبه أن يقول الحقيقةَ التي يمنع مِن ظهورها الأشرار. وبهذا يسقط في المستنقع من دون أن يقرأ كلمة للميرزا، ومن دون أن يعرف شيئا عن سيرته السيئة، ومن دون أن يعرف أنّ معظم هذه الأفكار قد قال الميرزا بعكسها.
والحقيقةُ أنه لو ثبتت صحة كل مقدماتهم وصحة كل تفسيراتهم، فيمكنهم أن يفسّروا نزول المسيح بشيوع التسامح، ما داموا قد فتحوا باب التأويل على مصاريعه، ولا يلزم منه وجود مسيح صادق ولا مسيح كاذب بشخصه. فكيف وأنّ مقدماتهم باطلة، وأنّ أفكارهم مسروقة، وأنّ الميرزا يخالف معظمها؟
على مَن يسعَون لنشر دعوةٍ أن يبدأوا بالحديث عن سيرة صاحبها، ونشر كتبه وأقواله.
الأحاديث النبوية تتحدث عن عشر علامات لا تقوم الساعة قبل تحققها، ومن أهمها الدجال ويأجوج ومأجوج والدابة والدخان والنار، وهذا الدجال الخارق وهذا اليأجوج الرهيب لا بدّ أنْ يكون مَخْفِيًّا، ثم يظهر فجأةً ويراه الناس. أما لو كان بينهم طوال الزمان، فلا يُطلق عليه أنه "خرج".
ولسنا نعرف شيئا كان مخفيا ثم خرج في القرن التاسع عشر ولا في القرون التي سبقته. نعلم أنّ المغول كانوا في بلادهم، ثم انقضُّوا علينا فجأةً في القرن الثالث عشر وسحقوا الخلافة العباسية وفتكوا ببغداد وغيرها وأجروا من الدماء أنهارا. لكنّ هذا ليس دجالا ولا يأجوج، لأنّ الحروب وهجوم أمة على أمة ليس بالأمر الجديد حتى يُطلق عليه دجال أو يأجوج، بل هو قديم ومستمر.
وهكذا الحال حين غزا البرتغاليون العالم الإسلامي من مختلف جهاته في نهاية القرن الخامس عشر، ثم تبعهم الإسبان ثم الإنجليز وغيرهم، فغزوُهم هذا امتدادٌ لما ظلَّ معروفا من اعتداء الأمم على بعضها. ولا يصلح أن نسميه دجالا ولا يأجوج.
هذا نقوله لغير الأحمديين. أما الأحمديون فنضيف على ذلك أدلة أكثر وضوحا، وهي أنّ الميرزا نفسه وصف فيكتوريا بالملكة الرحيمة التي بسبب حسن نواياها بعثه الله مسيحا مهديا. ومثل هذه الملكة وشعبها لا يمكن أن يكون دجالا ولا يأجوج، لأنّ الأحاديث تصفهما بالمعتدين الأشرار، لا بالطيبين الأخيار. وإذا سقط هذا التفسير، فإنّه يتضمن أنّ علامات الساعة لم تتحقق، وأنّ من ادعى أنه المهدي المسيح فإنه على الباطل من دون أن نبحث في شخصيته. فكيف لو بحثنا ووجدناه شرَّ الناس؟
أما الأفكار الأخرى مثل الحرية الدينية وتفسير الجنّ والعفاريت، فهي كلها من أفكار سيد خان التي يخالفها الميرزا. وبهذا سقطت الأحمدية، وسقطَ فخُّها.
على الناس حين يقرأون لأحمدي يتحدث عن علامات الساعة أو عن هذه القضايا أن يقولوا له: دعك من هذا، وحدِّثنا عن الميرزا لا غير، وإلا فأنت كذاب بقولك بصدقه، لأنك لو قلتَ بصدقه لفَرِحْتَ بنشرِ أدلة صدقه كلها. ولكنك لمعرفتك بأنّ سَحْقَها سهل يسير، فإنك تتجنّب ذلك كليا، وتريد أن تناقشنا في قضايا غامضة لا علم لنا بها، ولا تقدِّم ولا تؤخر، لأنّ علامات الساعة إذا تحققت فإنّ نزول المسيح يمكن أن يعني أيّ شيء، إلا أن يكون الميرزا، لأنه ثبت كذبه المستطير، فكيف وهي لم تتحقّق بعد كما هو واضح حتى لو جهلنا شكل تحقّقها؟
#هاني_طاهر 21 يناير 2019
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق