الأحد، 4 نوفمبر 2018
أوجه الشبه بين الميرزا وبين المسيح عليه السلام.. ح2
كتب هاني طاهر…في 3نوفمبر2018
وجه الشبه بين المشبّه والمشبّه به والعكسية الميرزائية
حين نقول: فلان كالأسد، فوَجْهُ الشبه هو الشجاعة، لأنّ الشجاعة هي أبرز ما في الأسد.
ولو قيل: إن وجْهَ الشَّبَه هو شرب الماء، لرفض العقلاء جميعا ذلك، لأنّ شرب الماء ليس مما يتميّز به الأسد، بل هو مشترك بين كل الحيوانات.
وحين نقول: الميرزا مثل المسيح، فإنّ وجه الشبه يجب أن يكون في أهمّ ما يتميّز به المسيح، وهي:
الولادة العذرية، وإبراء الأكمه والأبرص، وإحياء الموتى، وخلق الطير، وقصة الصلب، والتأليه.
ومعلومٌ أنّ الميرزا له أب، ومعلوم أنه لم يُبرئ أكمهَ ولا أبرص، ولا أحيا ميتا ولا خلق طيرا. لكنّ هذا كله يعني أنه لا يشبه المسيح، ولكن المهمّ في قضية الميرزا هي العكسية، وقد تجلًّت في أنّ الميرزا ظلّ عالةً على أبيه حتى آخر لحظاته، حيث قلق الميرزا بشأن انقطاع راتب أبيه التقاعدي!! فإذا كان المسيح قد نشأ بلا أب، فإنّ الميرزا قد كبُر وشاب وهو يعتمد على الأب. وأما الشفاء فالميرزا تحققت نبوءاته وأدعيته بشأن شفاء ابنه الموعود مبارك وصديقه الأول عبد الكريم عكسيا.
فإذا لم تكن بداية الميرزا مثل بداية المسيح، ولم تكن معجزاته كمعجزاته، فلتكن نهايته كذلك.. أي فليُعَلَّق على الصليب، كما يرى الأحمديون، ولْيَنْجُ من هذا الصليب، وليهاجر إلى بلد بعيد، وليؤمن به الملايين هناك.
لكنّ هذا لم يحدث إلا عكسيا؛ فلم يستطع الأعداء أن ينالوا من الميرزا شيئا، بل هو الذي نال من الناس جميعا، ولم يترك أحدا إلا شتمه ولعنه. وكانت نهايته على يد الكوليرا المخزية كما يراها، لا على يد الناس، كما كانت نهاية المسيح في التصوّر الأحمدي.
فلنتابع في أوجه الشبه التي ذكرها الميرزا في كتابه تذكرة الشهادتين عما بينه وبين المسيح:
يتابع الميرزا قائلا:
"العلامة التاسعة للمسيح أنه حين علِّق على الصليب حدث كسوف الشمس، وقد أشركني الله تعالى في هذا الأمر أيضا، لأنه حين كُذِّبتُ لم تكسف الشمس فقط بل خسف القمر أيضا في شهر واحد، شهر رمضان". (تذكرة الشهادتين)
قلتُ: على فرض حدوث كسوف عند تعليق المسيح، فيكون ذلك قد حدث عند موته ونهايته. أما بالنسبة إلى الميرزا فالكسوف والخسوف حدثا في بداية مشروع احتياله، لا في نهايته، وعاش بعدها 14 عاما.
أما الحقيقة فإنّ الأناجيل لا تذكر أيَّ كسوف، بل تذكر "ظُلْمَة عَلَى كُلِّ الأَرْضِ" (إِنْجِيل مَتَّى 27 : 45)، فلو كان هذا الظلام بسبب الكسوف، فكان الأولى أن يُذكر الكسوف.. أما إجماع هذه الأناجيل على ذكر الظلمة مِن دون ذكر الكسوف فلا بدّ أن يكون دالا على أنه لم يكن هنالك كسوف. وهذه الظلمة -إنْ صحَّت- قد تكون بسبب غيوم ملبّدة.
ثم إنّ الكسوف يحدث في كل بضعة أشهر، ويصادف وجود أنبياء ووجود مشعوذين ووجود محتالين، فهذا ليس وجْهَ شَبَه.
يتابع الميرزا قائلا:
"العلامة العاشرة هي أنه حين أوذِي المسيح تفشى في اليهود طاعون جارف، وقد تفشى الطاعون في زمني أيضا". (تذكرة الشهادتين)
قلتُ: الطاعون ظلّ ينتشر عبر التاريخ ولم يتوقّف إلا في العصر الحديث. وقد حصد ثلث أوروبا في خمس سنوات قبل بضعة قرون. هذا كله على فرض صحة قوله أنّ طاعونا جارفا حدث بعد إيذاء المسيح.
ويتابع الميرزا قائلا:
"العلامة الحادية عشرة للمسيح كانت أن علماء اليهود سعوا أن يُعتبر المسيح متمردا، فرُفعت قضيةٌ ضده، وبُذلت الجهود ليُدانَ بعقوبة الإعدام. وقد جعلني قدر الله تعالى شريكا في هذه العلامة أيضا إذ رُفعت ضدي قضية زائفة بتهمةِ القتل، وحاولوا إلصاق تهمة التمرّد بي". (تذكرة الشهادتين)
قلتُ: لم تُرفع قضية ضد المسيح بأنه قاتل، أما الميرزا فاتُّهم بأنه قاتل ليكهرام.
ولم تُبذل جهود ليُدان الميرزا بالتمرّد، بل إذا حدث شيء من هذا فهو سخيف، فالميرزا لا يفتأ يتملّق للحكومة، فمن سيصدّق مَن يتّهمه بالتمرّد. لذا نميل إلى أنه لم يتّهمه أحد بالتمرّد، إلا أن يكون سخيفا. أما المسيح فقد اتهمه القوم وكبارهم وصدّقهم الحاكم. ثم إنّ المسيح لم يكن متملّقا مثل الميرزا. فسقط وجه الشبه السخيف.
ويتابع الميرزا قائلا:
"العلامة الثانية عشرة للمسيح كانت أن علِّق معه على الصليب لصٌّ. وقد أُشرِكتُ في هذه العلامة أيضا لأنه... قُدِّم معي في اليوم نفسه في المحكمة لصٌّ مسيحي... كان قد سرق بعض النقود فعوقب بالسجن لثلاثة أشهر فقط، ولم يعاقَب بالموت كما حوكم اللص مع المسيح". (تذكرة الشهادتين)
قلتُ: هذا وجه اختلاف لا وجه شبه ما دام اللصّ قد أُعدم هناك، ولم يُسجن إلا 3 أشهر هنا.
ثم إن اللص قد صُلب مع المسيح، أما هذا اللص المفبرك فلم يُصلب مع الميرزا ولم يُعاقَب مع الميرزا.
ثالثا: صُلب لصان مع المسيح، لا لصّ واحد.
رابعا: قال المسيح لأحدهما {إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ} (إِنْجِيلُ لُوقَا 23 : 43)، ولم يقل الميرزا لذلك اللصّ! بل لم يرَه.. بل فبركه ليزعم ما زعم.
فهذا وجه شبه موغل في السخافة على فرض صحّته.
يتابع الميرزا قائلا:
"العلامة الثالثة عشر كانت أنه حين قدِّم المسيح أمام الحاكم بيلاطوس وطُلب أن يعاقَب بالموت قال بيلاطوس ما مفاده: لا أرى له أي ذنب حتى أدينه بهذه العقوبة. كذلك قال لي "كبتان دوغلاس" ردًّا على قولي: لا أرى لك أي ذنب". (تذكرة الشهادتين)
قلتُ: هذا وجه شبه سخيف، ذلك أنّ المهمّ أنّ بيلاطوس حكم بصلب المسيح ووافق على صلب المسيح وأمر بصلب المسيح. أما القاضي الإنجليزي فبرّأ الميرزا من التهمة السخيفة التي اتُّهم بها. أما أنّ كلا من القاضي والوالي لم يكن راضيا بظلم المتَّهم، فهذا ليس وجهَ شبه، فالأصل في القاضي أن يرفض الظلم، لكنّ المهم هو تطبيق العدل، فبيلاطوس خضع لليهود، والإنجليزي لم يخضع لأحد. فالعكسية واضحة.
ويتابع الميرزا قائلا:
"العلامة الرابعة عشرة للمسيح كان أنه ما كان من بني إسرائيل لكونه بلا أب، ولكن مع ذلك كان النبي الأخير من السلسلة الموسوية ووُلد في القرن الرابع عشر من بعد موسى عليهما السلام. كذلك أنا؛ فلست أنحدر من قبيلة قريش، وقد بُعثت في القرن الرابع عشر وكنتُ الأخير مبعثًا". (تذكرة الشهادتين)
قلتُ: المسيح نبيّ، والميرزا ليس نبيا، بل يرى نفسه مجددا ومحدّثا. ثم إن جماعته من بعده ترى النبوة مستمرة، على اختلاف بينهم في ذلك.
أما أنْ يكون غير القرشي شبيها بالمولود بلا أب، فسخافة لا نظير لها.
أما قصة القرن الرابع عشر فليس عليها دليل.
يتابع الميرزا قائلا:
"العلامة الخامسة عشرة للمسيح كانت أن الدنيا في عصره كانت قد تغيرت تماما، إذ رُصفت الشوارع، وتحسن نظام البريد ونظام الجيش إلى حد كبير واخترعت وسائل جديدة تيسيرا على المسافرين، وتحسنت قوانين المحاكم أيضا. وكذلك تقدمت في عصري أسباب الراحة في الدنيا كثيرا، بحيث وُجد القطار الذي ورد الخبر عنه في القرآن الكريم". (تذكرة الشهادتين)
قلتُ: إذا لم تستَحِ فقل ما شئت.. فالعالم يتطوّر منذ الدهور، ولم يكن عصر المسيح ذا خصوصية كما كان عصر النهضة الحديثة بالنسبة إلى التاريخ. والميرزا لم يذكر لنا من أين أتى بما قال.
ويتابع الميرزا قائلا:
"العلامة السادسة عشرة للمسيح كانت أنه كان يماثل آدم لولادته بلا أب، كذلك أماثل آدم لولادتي كتوأم". (تذكرة الشهادتين)
قلتُ: لقد كذب الميرزا في قوله أنه وُلد توأما، لكنني لستُ بصدد إثبات ذلك الآن. بل سأفرض أنه وُلد توأما، ولكن السؤال: كيف يشبه التوائم آدم؟ أي ما وجه الشبه بين التوائم وبين آدم؟
الحقيقةُ أنّ الفروق شاملة بين الميرزا وبين المسيح، ولكنّ الميرزا لا يتورّع عن الهراء وعن الكذب، فيقول:
"لقد جاء المسيح لكي يوضّح أحكام التوراة بدقة، كذلك أُرسلتُ أنا أيضا لأبيِّن أحكام القرآن الكريم بوضوح تام". (إزالة الأوهام، ص 110)
والسؤال لشهود الزور: ما هي الأحكام التوراتية التي وضّحها المسيح بدقة؟ وما هي أحكام القرآن الكريم التي وضحها الميرزا بوضوح تام ولم تكن واضحة قبله؟
أما المسيح فقد ألغى عددا من أحكام التوراة بوضوح، فقد أخذ يعدّد أحكام التوراة، ثم يذكر حكمه الذي استدرك عليها وألغاها وأتى بغيرها، فقال:
{وَقِيلَ: مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَلْيُعْطِهَا كِتَابَ طَلاَق. 32وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إلاَّ لِعِلَّةِ الزِّنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي، وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي. 33«أَيْضًا سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ:لاَ تَحْنَثْ، بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ. 34وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ،} (إِنْجِيلُ مَتَّى 5 : 31-34)
وقال:
{سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. 39وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا... 43«سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ. 44وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ.} (إِنْجِيلُ مَتَّى 5 : 38-44)
وقد أكّد القرآن الكريم على هذه الحقيقة في قوله تعالى {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} (آل عمران 50)
أما الميرزا فيرى أنه تابع للقرآن، ولا يستدرك عليه ولا يضيف ولا يُنقص.
فالخلاصةُ أنّ الفروق شاملة بين الميرزا وبين المسيح، وحاشا لله أنْ يُشَبّه الميرزا بغير المحتالين.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق